الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وقال: من الوافر وهو الشاهد الخامس والستعون: ومثل المنصوب الذي في معنى لكن قول الله عز وجل: {وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ} {إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا} وهو في الشعر كثير وفي الكلام. قال الفرزدق: من الطويل وهو الشاهد السادس والتسعون: يقول: ولكنَّني، وهو مثل قولهم: ما فيها أحد إلا حمارًا لما كان ليس من أول الكلام جعل على معنى لكن ومثله: من الخفيف وهو الشاهد السابع والتسعون: وقوله: من الطويل وهو الشاهد الثامن والتسعون: وبصاحب.
قال الأخفش: حدثني عيسى بن عمر أنه سمع الإعراب ينشدونه هكذا بالنصب، ومنهم من يرفع ما ينصب في هذا الباب. قال أبو زُبَيدَ: من الطويل وهو الشاهد المئة:
وزعم خلف أنها لغة لبني العنبر وانه سمع رجلا ينشد هذا البيت منهم مفتوحا: من الطويل وهو الشاهد الثاني بعد المئة: يريد مِنْ أهلِ فَلْجٍ. وقد سمعت أنا ذلك من العرب، وذلك أن اصل اللام الفتح وإنما كسرت في الاضافة ليفرق بينها وبين لام الابتداء. وزعم أبو عبيدة أنه سمع لام لعلَّ مفتوحة في لغةِ من يجرّبها ما بعدها في قول الشاعر: من الوافر وهو الشاهد الثالث بعد المئة: يريد لِعَلَّ عبدِ اللّهِ فهذه اللام مكسورة لأنها لام اضافة. وقد زعم أنه قد سمعها مفتوحة فهي مثل لام كَيْ. وقد سمعنا من العرب من يرفع بعد كيما وأنشد: من الطويل وهو الشاهد الرابع بعد المئة: فهذا جعل ما اسما وجعل يَضَرُّ ويَنْفَعُ من صلته جعله اسما للفعل وأوقع كَيْ عليه وجعل كَيْ بمنزلة اللام. وقوله: {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} وقوله: {أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُور رَّحِيم} فيشبه أن تكون الفاء زائدة كزيادة ما ويكون الذي بعد الفاء بدلا من أن التي قبلها. وأجوده أن تكسر إن وأَن تجعل الفاء جواب المجازاة. وزعموا أنه يقولون أَخُوكَ فوُجِد بل أخوك فَجُهِدَ يريدون أخوك وُجِدَ وبل أخوك جُهِدَ فيزيدون الفاء. وقد فسر الحسن: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} على حذف الواو. وقال: معناها: قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها، فالواو في هذا زائدة. قال الشاعر: من الكامل وهو الشاهد الخامس بعد المئة: وقال: من الكامل وهو الشاهد السادس بعد المئة: كأنه زاد الواو وجعل خبره مضمرا، ونحو هذا مما خبره مضمر كثير.{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلًا مِّنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ}.قوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ}.وقوله: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} فجعله أَمْرًا كأنّه يقول: وإحسانًا بالوالدينِ أي: أَحْسِنُوا إحْسانا.وقال: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا} فهو على أحد وجهين إمّا أَنْ يكون يراد بالحُسْنِ الحَسَنَ كما تقول: البُخْل والبَخلَ، وإمّا أنْ يكونَ جعل الحُسْنَ هو الحَسَنَ في التشبيه كما تقول: إنَّما أَنْتَ أَكل وشُرْب. قال الشاعر: من الوافر وهو الشاهد الثامن بعد المئة: دَلَفْتُ: قَصَدْتُ فجعل التحية ضربا. وهذه الكلمة في الكلام ليست بكثيرة وقد جاءت في القرآن.وقد قرأها بعضهم: {حَسَنا} يريد قولوا لهم حَسَنًا وقال بعضهم: {قولوا للناسِ حُسْنى} يؤنثها ولم ينّونها، وهذا لا يكاد يكون لا الحُسْنى لا يتكلم بها إلا بالألف واللام، كما لا يتلكم بتذكيرها إلا بالألف واللام فلو قلت: جاءَني أَحْسَنُ وأَطْوَلُ لم يَحْسُن حتّى تقول: جاءَني الأَحْسَنُ والأَطْوَلُ فكذلك هذا يقول: جاءَتْنِي الحُسْنى والطُولى. إلاّ أَنهم قد جعلوا أِشياء من هذا أسماء نحو دُنْيا وأُوْلَى. قال الراجز: وهو الشاهد التاسع بعد المئة: ويقولون: هي خَيْرَةُ النِساءِ هنّ خَيْراتُ النِّساء لا يكادون يفردونه وافراده جائز. وفي كتاب الله عز وجل: {فِيهِنَّ خَيْرَات حِسَان} وذلك أنه لم يرد أَفْعَلَ وإنما اراد تأنيث الخير لأنه لما وصف فقال: فلان خَيْر أشبه الصفات فأدخل الهاء للمؤنث.وأما قوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} ثم قال: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا} ثم قال: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذالِكَ} فلأنه خاطبهم من بعدما حدث عنهم وذا في الكلام والشعر كثير. قال الشاعر: من الطويل وهو الشاهد العاشر بعد المئة: وإنما يريدون تَقَلَّيْتِ. وقال الآخر: من الكامل وهوالشاهد الحادي عشر بعد المئة: إنَّما أراد فأصبحت ابنَةُ مخرَمٍ عسرًا على طلابُها. وجاز أن يجعل الكلام كأنه خاطبها لأنه حين قال: شَطَّتْ مَزارَ العاشِقين كأنه قال: شَطَطْتِ مزار العاشِقين لأنه إيّاها يريدُ بهذا الكلام. ومثله مما يخرج من أوله قوله: من الرجز وهو الشاهد الثاني عشر بعد المئة: فأراد القبيلة بقوله: خُلِقَتْ ثم قال مَلْمُوما على الحي أو الرجل، ولذلك قال: ثم قال: فجاء بالجماعة لأنه اراد القبيلة أو الحي ثم قال: وقال الشاعر: من الطويل وهو الشاهد الثالث عشر بعد المئة: وتَبَيَّنْ خْفافًا، يريد: أَنَا هُوَ. وفي كتاب الله عز وجل: {حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم} فأخبر بلفظ الغائب وقد كان في المخاطبة لأن ذلك يدل على المعنى. وقال الأسْودَ: من البسيط وهو الشاهد الرابع عشر بعد المئة: فيكون على أنه حمله على المعنى أَي: ترى كلَّ جانبٍ منها، أو جعل صفة الجميع واحدا كنحو ما جاء في الكلام. وقوله مأطِرُ مَتْنَه يثنى متنه. وكذلك: {الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ثم قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} لأن الذي أخبر عنه هو الذي خاطب. قال رؤبة: من الرجز وهو الشاهد الخامس عشر بعد المئة: وقال زهير: من الوافر وهو الشاهد السادس عشر بعد المئة: وقال الله تبارك وتعالى: {ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هذا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} فَذَكَّر بعد التأنيث كأنه أراد: هذا الأمر الذي كنتم به تستعجلون. ومثله: {فَلَماَّ رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هذارَبِّي هَاذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ} فيكون هذا على: الذي أرى ربّي أي: هذا الشيء ربي. وهذا يشبه قول المفسرين: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائكُمْ} قال: إنَّما دخلت إلى لأن معنى الرَفَث والأفْضاء واحد، فكأنه قال: الافضاءُ إلى نِسائِكُمْ، وإنما يقال: رَفْثَ بامرَأَتِه ولا يقال: إلى امرأته وذا عندي كنحو ما يجوز من الباء في مكان إلى في قوله تعالى: {وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} وإنما هو أحسن اليّ فلم إلى ووضع الباء مكانها وفي مكان على في قوله: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ} إنما هو غمًّا على غَمٍّ وقوله: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} أي: على قِنطارٍ كما تقول: مررتُ بِهِ ومررت عَلَيْهِ كما قال الشاعر:- وأخبرني من أثق به أنه سمعه من العرب-: من الوافر وهو الشاهد الرابع والعشرون: يريد: عنى. وذا يشبه: {وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} لأنك تقول: خَلَوْتُ إلَيْهِ وصنعنا كذا وكذا وخَلَوْتُ به. وإن شئت جعلتها في معنى قوله: {مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ} أي: معَ اللّهِ، وكما قال: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ} أي: على القَوْمِ {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} وقوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ} فرفع هذا لأنه كُلَّ ما كان من الفعل على يَفْعَلُ هو وتَفْعَل أنت وأَفْعل أَنا ونَفْعَلُ نَحن فهو أبدًا مرفوع لا تعمل فيه إلا الحروف التي ذكرت لك من حروف النصب أو حروف الجزم والأمر والنهي والمجازاة. وليس شيء من ذلك هاهنا وإنما رفع لموقعه في موضع الأسماء. ومعنى هذا الكلام حكاية، كأنه قال: اِسْتَحْلَفْناهُم لا يَعْبُدون أي: قُلْنا لَهُم: واللّهِ لا تُعْبَدوْنَ، وذلك أنها تقرأ: {يَعْبُدون} و: {تَعْبُدون}. قال: {وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ} {لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإِ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ} فإن شئت جعلت لا يَسَّمَّعُون مبتدأ وإنْ شئت قلت: هو في معنى أنْ لا لا يَسَّمَّعُوا فلما حذفت أنْ اِرتفع، كما تقول: أَتَيْتُكَ تُعْطِيني وتُحْسِنُ إِلَيَّ وتَنْظُرُ في حاجتي ومثله مُرْهُ يُعطِيني إنْ شئت جعلته على فَهْوَ يُعطِيني وإنْ شئت على أَنْ يُعطِيني. فلما أَلْقَيْتَ أَنْ ارتفع. قال الشاعر: من الطويل وهو الشاهد السابع بعد المئة: فأَحْضُرَ في معنى أَنْ أُحْضُرَ.{ثُمَّ أَنْتُمْ هؤلاء تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنْكُمْ مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّم عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذلك مِنكُمْ إِلاَّ خِزْي فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الّعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}.قال: {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} فجعلها من تَتَظاهَرُونَ وأدغم التاء في الظاء وبها نقرأ. وقد قرئت: {تَظاهَرون} مخففة بحذف التاء الآخرِة لأَنَّها زائدة لغير معنى. وقال: {وَإِن يَأتُوكُمْ أَسْرى} وقرئت: {أُسَارَى}. وذلك لأن أَسير فَعِيل وهو يشبه مَرِيضًا لأنَّ به عيبا كما بالمريض، وهذا فَعِيل مثله. وقد قالوا في جماعة المريض: مَرْضى وقالوا: {أُسارَى} فجعلوها مثل سكارَى وكُسالىَ، لأنَّ جمع فَعْلان الذي به علة قد يشارك جمع فَعِيل وجمع فَعِل نحو: حَبِط وحَبْطى وحُباطَى وحَبِج وحَبْجى وحُباجى. وقد قالوا: {أَسارى} كما قالوا: {سَكَارَى}.وقال بعضهم: {تَفْدُوهم} من تَفْدِى وبعضهم: {تُفادُوهم} من فادَى يُفادِي وبها نقرأ وكل ذلك صواب.وقال: {فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذلك مِنكُمْ إِلاَّ خِزْي} وقال: {مَا هذاإِلاَّ بَشَر مِّثْلُكُمْ} و: {وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَة} رفع، لأن كل ما لا تحسن فيه الباء من خبر ما فهو رفع، لأن ما لا تشبه في ذلك الموضع بالفعل، وإنما تشبه بالفعل في الموضع الذي تحسن فيه الباء، لأنها حينئذ تكون في معنى ليس لا يشركها معها شيء. وذلك قول الله عز وجل: {مَا هذابَشَرًا}.، وتميم ترفعه، لأنه ليس من لغتهم أن يشبهوا ما بالفعل.وقال: {ثُمَّ أَنْتُمْ هؤلاء} وفي موضع آخر: {هَا أَنْتُمْ هؤلاء} كبعض ما ذكرنا وهو كثير في كلام العرب. وردّد التنبيه توكيدا. وتقول: ها أَنَا هذا وها أَنْتَ هذا فتجعل هدا للذي يخاطب، وتقول: هذا أنت. وقد جاء أشد من ذا. قال الله عز وجل: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُوْلِي الْقُوَّةِ} والعصبة هي تنوء بالمفاتيح. قال وهو الشاهد السابع عشر بعد المئة من مجزوء الوافر: يريد: تَنوء بعجزيتها، اي: لا تقوم إلا جهدا بعد جهد قال الشاعر من البسيط وهو الشاهد الثامن عشر بعد المئة: وهو يريد أن السوءات بلغت هَجَرًا، وهَجَرُ رفع لأنَّ القصيدةَ مرفوعة ومثلُ ذا قول الشاعر: من الطويل وهو الشاهد التاسع عشر بعد المئة: والضياطرةُ هم يشقونَ بالرماح. والضياطرةُ هم العِظام وواحد هم ضَيْطار مثل بَيْطار ومثل قول الشاعر: من الطويل وهو الشاهد العشرون بعد المئة: يريد: حتى ما تزيد مخافةُ وَعِلٍ على مخافتي.{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْف بَل لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ}.قال: {فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ} وتفسيره: فقليلًا يؤمنون وما زائدة كما قال: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ} يقول: فَبِرَحْمَةٍ مِنَ اللّهِ وقال: {إِنَّهُ لَحَقّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} أي: لَحَقّ مثلَ أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ وزيادة ما في القرآن والكلام نحو ذا كثير. قال من المنسرح وهو الشاهد الحادي والعشرون بعد المئة: أي: خُضِّبَ بِدَمٍ أنفُ خاطِبٍ.{وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَاب مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّق لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ}.قال: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَاب مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّق لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ} فان قيل فأين جواب: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَاب مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّق لِّمَا مَعَهُمْ} قلت: جوابه في القرآن كثير، واستغني عنه في هذا الموضع إذ عرف معناه. كذلك جميع الكلام إذا طال تجيء فيه أشياء ليس لها أجوبة في ذلك الموضع ويكون المعنى مستغنى به نحو قول الله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل للَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا} فيذكرون أن تفسيره: لَوْ سُيِّرَتْ الجِبالُ بقرآنٍ غيرِ هذا لَكَانَ هذا القرآنُ سَتُسَيَّر بِهِ الجِبالُ فاستُغْنِيَ عن اللَّفْظِ بالجَوابِ إذْ عُرِفَ المَعْنى. وقال: {لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْاْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ} ولم يجيء لتحسَبَنَّ الأول بجواب وتُرِكَ للاستغناءِ بما في القرآن من الأجوبة. وقال: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ} معناه لا يَحَسَبُنَّهُ خَيْرًا لَهُمْ وحذف ذلك الكلام وكان فيما بقي دليل على المعنى. ومثله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ثم قال: {وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ} من قبل أن يجيء بقوله فَعَلُوا كَذا وَكَذا لأن ذلك في القرآن كثير، استغني به. وكان في قوله: {وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ} دليل على أَنَّهُمْ أعرَضُوا فاستغني بهذا وكذلك جميع ما جاز فيه نحو هذا. وقال: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا} وقال: {لِيُتَبَرِّواْ} على معنى: خَلَّيْناهُمْ وإيّاكُمْ لَمْ نَمْنَعْكُمْ مِنْهُم بِذُنُوبِكُم. وقال: {لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ} ولم يذكر أنه خلاهم واياهم على وجه الترك في حال الابتلاء بما أَسْلفوا ثم لم يمنعهم من أعدائهم أن يسلطوا عليهم بظلمهم. وقال: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} فليس لهذا جواب. وقال: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ} فجواب هذا إنما هو في المعنى، وهذا كثير. وسنفسر كل ما مررنا به إن شاء الله. وزعموا أن هذا البيت ليس له جواب: من الطويل وهو الشاهد الثاني والعشرون بعد المئة: يريد: ورُبَّ دَوِّيَّةٍ ثم لم يأت له بجواب. وقال: من البسيط وهو الشاهد الثالث والعشرون بعد المئة: فهذا ليس له جواب إلا في المعنى. وزعم بعضُهم أنَّ هذا البيت: من الكامل وهو الشاهد الخامس بعد المئة: قالوا: الواو فيه ليست بزائدة ولكن الخبر مضمر.{بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُو بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَاب مُّهِين}.قال: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} فما وحدها اسم، و: {أَن يَكْفُرُواْ} تفسير له نحو: نِعْمَ رَجُلًا زَيْد و: {أَنْ يُنَزِّل} بَدَل من: {بِمَا أنَزَلَ اللَّهُ}.
|